القراءة تخفف من الشعور بالوحدة ، ونحنُ نقرأ ليس فقط لأننا لا نستطيع أن نعرف عددًا كافيًا من الناس ، بل لأن الصداقة عرضة للتغير والضعف ، والاختفاء أو الهزيمة ، لذلك فالقراءة هي أعظم المتع التي تتاح لك في أوقات العزلة . هذه كانت إحدى الفقرات في كتاب هارولد بلوم”كيف نقرأ ولماذا ؟”. فهل تتسائل عزيزي القارئ هذه الأسئلة حول القراءة ومدى جدواها ؟ هذا التقرير محاولة للإجابة على هذه الأسئلة .
لماذا أقرأ ؟
إذا كانت القراءة هي أداة المعرفة الأولى منذُ بدأَ التدوين في حياة البشرية ، فهذا في حدّ ذاتِهِ سببًا مقنعًا للقراءة ، وإذا أردنا أن نضع عدة أسباب تجعلك تزيد من قائمة قراءاتك :
- إكتساب معارف جديدة : وهذه بالطبع هي الهدف الأكثر شيوعًا في عالم القُراءة، فكتاب جديد يساوي عالمًا آخر من المعلومات، بل ونظرة أخرى للحياة .
- التسلية : يمكن أن تنضم هذه الفائدة إلى قائمة فوائد القراءة ، حيث الشعر والروايات والمسرحيات تعتبر حالة جيدة جدًّا من حالات التسلية ، في بعض حالات الإكتئاب يلجأ الناس إلى روايات قد يجدون فيها أنفسهم .
- تمضية أوقات الفراغ في شيء مهم : إذا كنتَ تذهب إلى العمل صباحًا في المترو ، أو حتَّى في المواصلات العامة بإمكانك إذن أن تحمل كتابًا سهلاً يسهِّل عليك تمضية أوقات الفراغ .
بعض الكتَّاب يضعون مكتبة في دورة المياة الخاصة بهم ليستفيدوا من جميع أوقاتهم في القراءة !!
بالطبع هناك العديد من الفوائد الأخرى ، وقد اقتصرنا هنا على بعض الفوائد العامة والبسيطة والتي تعتبر فوائد لجميع القراء .
كيفَ أقرأ إذن ؟
إذا كان الأمر يتعلَّق بالوقت ، فهناك أوقات كثيرة تستطيع أن تقرء خلالها ، بعد الاستيقاظ مباشرةً قد يكون من الجيد تخصيص ساعة قراءة في ذلك الوقت ، حيث يكون الذهن نشيطًا وفي بداية اليوم . قبل النوم أيضًا تستطيع القراءة ، لكنَّ بعض الدراسات تقول أن القراءة قبل النوم ليست جيدة لأنَّ الذهن ينشغل بالأفكار التي يقرأها ، ويمكن القراءة أثناء المواصلات والتنقل بين العمل والبيت .
إذا كان الأمر يتعلق بطريقة الكتب ، فتستطيع الحصول على الكتب بصيغة إلكترونية ، ويمكنك قراءتها على هاتفك الخاص ، أو من خلال جهاز القراءة الإلكتروني e-book .
إذا كان هناك نصائح عامة أثناء عملية القراءة فإنها كالتالي :
- خذ دفتر للملاحظات : دوِّن فيه الفوائد التي خرجت بها من الكتاب ، كذلك قد يكون من الجيد تدوين الاقتباسات الجميلة . فائدة هذا الدفتر أنك تستطيع العودة إليه وقتما تشاء .
- حاول تلخيص الكتب : خاصةً إذا كانت كتب في الاقتصاد أو شيء من هذا القبيل ، تستطيع تلخيص الكتب ، فسيكون ذلك مفيد في محاولات استرجاعك معلومات الكتب ، حيث يمكنك أن تعود للتلخيص خاصتك دون قراءة الكتاب كله مرة أخرى . إضافةً إلى ذلك فإن تلخيصك للكتاب يعطيك الكثير من التفاعل مع الأفكار الموجودة في الكتاب ، لا تنسَ أن القدرة على التلخيص دليل على القراءة الجيدة للكتاب .
- حاول الربط بين الأفكار بشدَّة : عندما تقرأ كتاب وتتبعه بآخر حاول أن تربط بين الأفكار الموجودة في الكتابين ، قد تستطيع أن تخرج بنتائج جديدة وربما مغايرة ، ولكن كن حذرًا فالنتائج ليست صحيحة دومًا ، ويجب أن تأخذ وقتها لتثبت صحتها .
- يجب أن تتمتع بحسّ نقدي : كي لا تكون سريع الانبهار بمجموعة أفكار دونَ بقية الأفكار ، يجب ألا تكون أسيرًا لانبهارك ، وعليك التمتع بحسّ نقدي يؤهلك لتجاوز الأفكار أو تجديدها .
هناك العديد من القوائم ترتبها دور النشر أو الكتَّاب ، ويمكنك الاطلاع على كتاب هارولد بلوم “كيف نقرأ ولماذا ؟” . وبالجملة فإن قراءة عناوين جديدة أمر جيد جدًّا ومفيد ، إذ إنه يعطيك معلومات لم تكن تتوقع الحصول عليها ، فقراءة كتاب جديد لم يرشحه أحد يعدك دومًا بعالم جديد .
إحذر أخي القارئ !!
نعم ، قد يتعجب أحدكم من العنوان ، القراءة لها مخاطر وقد لا ينتبه إليها القارئ أبدًا طوال حياته . نضع هنا بعض هذه المشاكل ، ونترك لك اكتشاف بعضها الآخر :
- التوحُّد مع الكاتب أو الكتاب : من خلال “الانبهار” تستطيع أن تشعر أنَّكَ أحد هذه الشخصيات في تلك الرواية أو هذه المسرحية . من خلال الانبهار أيضًا ، يصير القارئ مجرد “صورة” للكاتب أو للكتاب ، فيستعير مصطلحات الكاتب الذي أحب كتابه وأحبه بالتالي ويبدأ في التحدث بها . مشكلة هذا النوع من المخاطر أن القارئ إذا لم يتمتع بحس نقدي سيظل أسيرًا لكتاب واحد أو لأفكار كاتب أو مفكر واحد ، وهذا أحد أكبر المخاطر .
- الخداع بالحلول : إذا توحدت مع الكتاب ، سترى أنَّ الحلول لبعض المشكلات التي يتناولها الكتاب إنما هي فقط في هذا الكتاب ، وليست هناك حلول أخرى ، عليكَ أن تعلم أن كتب الأفكار والروايات لا تحمل إلا جزءًا صغيرًا جدًّا من الحقيقة ، وأنها اجتهاد “بشري” خالص لبعض الحلول ، وقد تكون هذه الحلول ناجعة أو غير ناجعة .
- الإستعلاء المعرفي : تترك المطالعة الكثيرة للكتب استعلاءً لدى القارئ ، باعتبار أنه يقرأ ما لا يقرأه الناس ، أو أنه يعرف ما لا يعرفه الناس . على القارئ إذن أن يعرف أنهُ مهما قرأ فإنه لم يقرأ إلا قليلاً جدًّا ، ومهما تفرع في العلوم فإن هناك مجالات أخرى لم يتطرق إليها .
هذه كانت جولة في عالم القراءة ، فهل استفدت منها ؟ وهل ستضيف بعض الفوائد ، أو طرق القراءة ، أو الكتب إلى قائمة مهامك ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق