ويل روجرز

يتعلم الإنسان بطريقتين : ‫القراءة ، ومصاحبة من هم أذكى منه

فران ليبوتز

فكّر قبل أن تتحدث .. إقرأ قبل أن تفكر

إدوارد ليتون

كن سيد الكتب لا عبدها ، إقرأ لتعيش ولا تعش لتقرأ

404
نعتذر , لا نستطيع ايجاد الصفحة المطلوبة
  • العودة الى الصفحة الرئيسية
  • الاثنين، 18 سبتمبر 2017

    لماذا يعتقد البعض أن القراءة والمطالعة وُجدت لمن لديه وقت فراغ في حياته ؟ وأن أولئك المشغولون بعملهم ومشاريعهم لا وقت لديهم للقراءة ؟ بينما الإحصائيات تقول أن أكثر الناس انشغالاً في العالم هم أكثر الناس قراءة ! القراءة تزيد من إبداعهم وتساعدهم على تنمية قدراتهم ومعالجتهم للمشاكل المعقدة ، فضلاً عن كون القراءة نشاط يساعد على الاسترخاء .

    فكيف يجد هؤلاء الوقت للقراءة ؟ 



    كيف-تجد-لنفسك-وقتاً-للمطالعة-؟


    تقول إيفا لانتسوت وهي مهندسة معمارية وباحثة ومدونة وصحفية :
    "في نفس العام الذي أنهيت فيه رسالة الدكتوراه ، وسافرت لجميع أنحاء العالم وحضرت المؤتمرات في كل قارة من العالم لتقديم بحثي ، في نفس هذا العام قمت بتسجيل 69 كتاب على حسابي في موقع جودريدس ، فتساءل العديد من الناس كيف تمكنت من إيجاد الوقت لقراءة الكثير من الكتب في عام مزدحم كهذا ..
    إذا كنت تريد زيادة عدد الكتب التي تقرأها كل عام ، إليك هذه النصائح التي جمعتها من تجربتي الشخصية :

         1: إستعر كتباً أكثر مما تنوي قراءته :

    إذا كنت ممن يستعيرون الكتب من المكتبة ، فاستعر كل مرة كتباً أكثر بكثير مما تعتقد أنك ستقرأه حقاً . فوجود الكتب مكومة في منزلك وأنت تعلم أن عليك إعادتها للمكتبة ، ستشجعك على القراءة أكثر مما خططت له .
    حتى إن كنت تفضل القراءة الالكترونية ، فاحرص على تحميل عدد من الكتب الإلكترونية على قارئك الإلكتروني بحيث يكون دائماً في متناول يدك ثروة من الخيارات المتوفرة و التي تدفعك لقراءتها .

         2: إقرأ أكثر من كتاب واحد في نفس الوقت :

    أغلب القراء يفضّلون مطالعة كتاب واحد فقط وإنهاءه تماماً قبل الإنتقال لغيره ، ولكن هناك من يستفيد من قراءة العديد من الكتب في نفس الوقت . فبعض الكتب تتمتع بقراءتها ليلاً كالروايات ، وبعضها مناسب للقراءة أثناء تنقلاتك كالكتب التحليلية ، إلخ ..
    فأنا مثلاً أضع رواية بجانب سريري ، وكتاباً علمياً في القارئ الإلكتروني ، وبالنسبة لكتب التنمية الشخصية فأرى أنه من الأفضل أن تباعد فترات قراءاتها بحيث تكون لديك الفرصة لتطبيق التوصيات الواردة في الكتاب .

         3: حدّد هدفاً في كل دورة قراءة :

    من أهم الأسباب التي تجبرك على تفريغ وقتك للقراءة هي أن تضع لنفسك أهدافاً قبل البدء بالقراءة ، فمثلاً تحدى نفسك بأنك ستقرأ خمسين صفحة من الكتاب في كل جلسة ، أو أنك ستنهي فصلاً كاملاً قبل أن تنتقل لشيء آخر ، وكلما رأيت أنك حققت الهدف فعلاً ، حاول أن ترفع شدة التحدي ، فالقراءة لدقائق أطول كل يوم ستضيف إلى محصلتك في النهاية العديد من الكتب كل عام .

         4: لا تكترث لقوائم "ما يجب قراءته" :

    تعتبر القوائم الجاهزة التي يقال أنها "الأفضل" من أهم أسباب تراجعك في القراءة ، لذا فعليك بتجاهلها وإقرأ كل المحتوى ، إقرأ لنفسك ، إقرأ لمتعتك الخاصة ولثقافتك . فعندما ترهق نفسك بقراءة ما يقرأه بقية العالم أو ما يخبرك الآخرون أن عليك قراءته ، فهذا يبعدك عن القراءة كثيراً . في حين إن قرأت ما تختاره أنت فهذا يمتعك و يعلمك أشياء جديدة ، وستجد أوقاتاً أكثر للقراءة .
    إعلم أنك إذا قرأت "ما يجب قراءته" فإن القراءة تتحول من متعة خاصة إلى واجبات ومسؤوليات جديدة بلا متعة ولا شغف .

         5: درّب نفسك على القراءة السريعة :

    الفكرة بسيطة ، إذا كنت تريد أن تقرأ أكثر في وقت أقل ، درّب نفسك على القراءة السريعة . يوجد العديد من التقنيات لفعل ذلك ، فمثلاً بدلاً من قراءة كلمة كلمة ، عوّد عينيك على الإنتقال بسرعة على الكلمات مستخدماً مسطرة أو قلم لتمريره عبر الصفحة .

         6: إقرأ من جميع الأجهزة الإلكترونية التي تمتلكها :

    إذا كنت من هواة الأجهزة الإلكترونية ، فاحرص على تحميل تطبيقات القراءة على جميع أجهزتك بحيث تستطيع أن تقرأ في أي لحظة فراغ تأتيك . بهذه الطريقة تستطيع أن تقرأ وأنت تنتظر دورك أمام البنك ، أو أثناء إستراحة العمل ، فوجود كتاب دائماً على جهازك يجعلك تقرأ ولو بضع صفحات في كل فرصة تتاح لك ، لتجد أنك قد قرأت ما لا يقل عن عشرين صفحة إضافية !

         7: إقرأ قبل النوم :

    ثبت علمياً أن قراءة الروايات أو الكتب الخفيفة قبل النوم تساعد الإنسان على الإسترخاء ، حيث تضع العالم بضجيجه ومشاكله خلف ظهرك بمجرد أن تبدأ بالقراءة المسائية . وعلى نفس المنوال يمكنك أن تجعل من ذلك عادة فتقرأ بضع صفحات كل الصباح ، أو تقرأ فصلاً بعد الغداء في الفترة التي يكون جسمك فيها مسترخياً يهضم الطعام ويستعد لفترة عمل جديدة بعد الظهيرة .

         8: شارك أصدقاءك ما تقرأ :

    حاول دائماً أن تبحث عن من يقرأ نفس كتبك ، سواءً في مجتمعك أو على الإنترنت . فمتابعة نقاشاتهم وأفكارهم حول ما تقرؤونه سيدفعك أكثر للتقدم في قراءتك .

         9: راقب تقدمك على الإنترنت :

    أصبح هناك العديد من المواقع التي توثّق عملية القراءة وتتبع مسار كل قارئ على مدار السنة . سجّل في أحد هذه المواقع التي تستطيع من خلالها حساب الكتب التي قرأتها أو التي تنوي قراءتها . كما يمكنك أن تضيف إليها مراجعاتك أو تعليقاتك أو ملاحظاتك على تجربتك في قراءة كل كتاب . ستقرأ أيضاً بشكل متواصل المراجعات التي يقوم الآخرون بإضافتها على الكتب التي سبق أن أضفتها لكتبك المقروءة وهذا أمر ممتع أن تستعيد دائماً ما قرأته من خلال تعليق أو مراجعة لقارئ آخر فتتفق أو تختلف معه ..
    كما تقدم لك هذه المواقع توصيات بالكتب بناءً على ما قرأته واستمتعت به .

         10: توقف عن قراءة المقالات العشوائية :

    إذا كنت تريد أن تقرأ المزيد من الكتب عليك حالاً بالتوقف عن بقية النشاطات التي تقوم بها لتخصص ذلك الوقت لقراءة الكتب . كأن تتوقف عن قراءة المقالات العشوائية التي تجدها على صفحات التواصل الاجتماعي وتقرأ بدلاً من ذلك الكتب قراءة تحليلية متعمقة .
    أحسب الوقت الذي تقضيه في تصفح الأخبار المشاركة على صفحتك على الفيسبوك أو تويتر ، ستجد أنك تمضي ما لا يقل عن 30 دقيقة لمجرد التصفح السريع وقراءة عناوين الأخبار ، في هذه الدقائق كان بإمكانك أن تقرأ ما يقارب 30 صفحة من أي كتاب !

         11: إنضم لتحدي القراءة :

    عندما تنضم لفريق تحدي القراءة فإنك تضع هدفاً بعدد من الكتب ستقرأها خلال العام . ولتزيد التحدي على نفسك ضع هدفاً أعلى بقليل مما تعتقد أنك قادر على تحقيقه . إنً تحديك لنفسك يدفعك كثيراً ويحفزك للوصول إلى الهدف . وسيدهشك حجم القراءة التي حققتها في عام واحد .


    في الأخير .. يجب علينا أن نعترف أن الجميع لديه وقت فراغ في حياته ، لكن الفرق بين القارئ وغير القارئ هو ببساطة ، أن الأول يلتقط كتاباً ليقرأه خلال هذه الدقائق القليلة المتوفرة لديه ، والثاني يقضي فراغه في فراغ ..

    الأحد، 17 سبتمبر 2017

    موضوعنا هذه المرة طريف نوعاً ما ، فإن كنت من عشاق الكتب ، تحب القراءة والمطالعة ، فإليك مجموعة من الأسئلة التي ستساعدك على معرفة أي نوع من القرّاء تكون .
    أجب عليها ، وإكتشف شخصيتك في القراءة ..


     إكتشف-أي-نوع-من-القراء-أنت


    نبدأ معكم الأسئلة ، إختاروا إجاباتكم بدقة ..




    1: نفرض أنّ لديك ساعة لتقضيها داخل المكتبة ، ما الذي ستفعله فيها ؟

    • أتجول من قسم لآخر مستكشفاً الكتب الجيدة                                              (5)
    • أدردش مع صاحب المكتبة لتزداد خبرتي في مجال الكتب والمطالعة               (15)
    • ساعة في المكتبة ؟ يا للروعة شيء لا يُصدّق !                                         (10)
    • أبحث مباشرة عن كُتّابي المفضلين لأعرف جديدهم                                    (20)





    2: كيف يكون إختيارك للكتاب الذي ستقرؤه ؟

    • أقرأ الكتاب التالي في قائمة قراءاتي المحددة مسبقاً                          (10)
    • أقرأ الكتاب الذي نصحني به أحد أصدقائي                                    (5)
    • أقرأ كتاباً لأحد كُتّابي المفضلين                                                 (20)
    • أقرأ كتاباً مختلفاً عن ما قرأته سابقاً                                            (15)





    3: إذا علمت أن أحد الكُتّاب لديه حفلة توقيعات ، ماذا ستفعل ؟

    • أحرص على الذهاب فأنا أحب مقابلة الكُتّاب                                        (15)
    • يبدو أمراً ممتعاً ، لكن لا وقت لدي للذهاب                                          (10)
    • أحرص على الذهاب إن كان من كُتّابي المفضلين فقط                             (20)
    • ربما سأذهب إن كان لدي وقتاً فارغاً لذلك                                           (5)





    4: أي نوع من الإقتباسات تفضل ؟

    • "تعلم واقرأ الكتب الهامة والقيّمة ، ودع الحياة تتكفل بالباقي" . دوستويفسكي                               (10)
    • "إذا كنت تقرأ فقط الكتب التي يقرأها الجميع ، فستفكر فقط كما يفكّر الجميع" . موراكامي                (20)
    • "البيت دون كتب كالجسد بلا روح" . ماركوس شيشرون                                                       (5)
    • "قراءة الكتب الجيدة كمحادثة أفضل الرّجال في القرون الماضية" . ديكارت                                 (15)





    5: سمعت عن كتاب أنه جيد ، ماذا تفعل ؟

    • أسأل أحد أصدقائي الخبيرين في القراءة عنه ، و أتبع رأيه                               (5)
    • أبحث عنه في الأنترنت ، و أقرأ ملاحظات الناس عنه                                    (20)
    • إن كان لأحد كُتّابي المفضلين ، فسأشتريه في الحال                                       (15)
    • لا أفكر في قراءته الآن ، لأنه ليس في قائمة إختياراتي المستقبلية                      (10)





    6: أنهيت قراءة كتاب ، ماذا تفعل ؟

    • أتصل بأصداقي لأرى إن كان لديهم كتب ينصحون بها                               (5)
    • أقرأ الكتاب التالي في قائمة إختياراتي              (15)
    • أعيد قراءة كتبي السابقة حتى أجد كتاباً جديداً                                                      (10)
    • أبحث في الأنترنت عن الكتب الأكثر قراءة وأختار ما يناسبني منها                               (20)



    7: ماذا ستهدي لصديقك في عيد ميلاده ؟

    • أختار له أفضل كتاب قرأته  ، حتماً سيستمتع به                              (15)
    • أهديه الكتاب الذي كان يريد أن يشتريه ، سيسر به                           (10)
    • أختار له كتاباً من مجال لم يقرأ فيه ، ربماً يحبه                               (20)
    • أهديه الكتاب الأكثر شهرة بين الناس في وقتنا                                (5)






    النتيجة : أنظر إلى إجاباتك وكم من النقاط جمعت ..


    • إذا كان مجموع إجاباتك أقل من (45 نقطة) فأنت القارئ الإنتقائي :
    أنت تقرأ للتسلية ولتثقف نفسك أيضاً . أنت منفتح على الأفكار الجديدة والمؤلفين الجدد ولست متعلقاً بنوع محدد أو مجموعة معينة من المؤلفين .


    • إذا كان مجموع إجاباتك بين (45 – 80 نقطة) فأنت القارئ المرهق :
    التعبير القائل "كتب كثيرة ، ووقت قليل " يلخص حياتك ! أنت تحب الكتب والقراءة ، لكنك لا تمتلك الوقت لقراءة ما تريد ، لذلك أنت دقيق جداً في إختيار الكتب التي تقرؤها .

    • إذا كان مجموع إجاباتك بين (85 – 110 نقطة) فأنت القارئ المتعمق :
    أنت لا تقرأ الكتب فقط بل تحب القراءة عن الكتب أيضاً . متعة القراءة بالنسبة لك تكمن في تشويق البحث واكتشاف كتب ومؤلفين جدد ومناقشة أبحاثك مع الآخرين . إذا كنت غير منضم لنادي قراءة فعليك الإنضمام في أقرب فرصة ، هناك ستجد متعتك !

    • إذا كان مجموع إجاباتك فوق (110 نقطة) فأنت القارئ التسلسلي :
    سواءً كنت تقرأ كثيراً أو قليلاً ، في كلتا الحالتين أنت مشروع ناشر ومحرر ، أنت تتأثر بالكُتّاب كثيراً و بمجرد أن تكتشف كاتباً يثيرك  تلتصق به وتنتظر إصداره التالي ، لكنك أيضاً بحاجة لإكتشاف دماء جديدة من وقت لآخر ، وهذا مهم جداً !

    و الآن .. هل بإمكانك أن تخبرنا أي نوع من القراء أنت ؟

    الخميس، 14 سبتمبر 2017

    أول ما يخطر على البال - حين يوجه هذا السؤال إلي أحد مشتغل بالكتابة - أنه سيقول أنني أهوى القراءة لأنني أهوى الكتابة !
    ولكن الواقع أن الذي يقرأ ليكتب وكفى هو " موصل رسائل " ليس إلا أو هو كاتب " بالتبعية " وليس كاتباً بالأصالة . فلو لم يسبقه كتاب آخرون لما كان كاتباً على الإطلاق ، ولو لم يكن أحد قبله قد قال شيئا لما كان عنده شيء يقوله للقراء .
    وأنا أعلم فيما أعهده من تجاربي أنني قد أقرأ كتبا كثيرة لا أقصد الكتابة في موضوعاتها على الإطلاق ، وأذكر من ذلك أن أديباً زارني فوجد على مكتبي بعض المجلدات في غرائز الحشرات فقال مستغرباً : ومالك أنت وللحشرات ؟ إنك تكتب في الأدب وما إليه ، فأية علاقة للحشرات بالشعر والنقد والاجتماع ؟
    ولو شئت لأطلت في جوابه ولكنني أردت أن أقتضب الكلام بفكاهة تبدو كأنها جواب وليس فيها جواب ، فقلت : أنسيتَ أنني أكتب أيضاً في السياسة ؟
    قال : نعم نسيت ، والحق معك ! فما يستغني عن العلم بطبائع الحشرات رجل يكتب عن السياسة والسياسيين في هذه الأيام .

    عباس محمود العقاد يجيب على السؤال : لماذا هويت القراءة

    والحقيقة كما قلت مرارا أن الأحياء الدنيا هي "مسودات" الخلق التي تتراءى فيها نيات الخالق كما تتراءى في النسخة المنقحة، وقد تظهر من "المسودة" أكثر ما تظهر بعد التنقيح . فإذا اطلع القارئ على كتاب في الحشرات ، فليس من اللازم اللازب أن يطلع عليه ليكتب في موضوعه ، ولكنه يطلع عليه لينفذ إلى بواطن الطبائع وأصولها الأولى ، ويعرف من ثم كيف نشأ هذا الإحساس أو ذاك الإحساس فيقترب بذلك من صدق الحس وصدق التعبير ولو في غير هذا الموضوع .

    كذلك لا أحب أن أجيب عن السؤال كما أجاب قارئ التاريخ في البيت المشهور : ومن وعى التاريخ في صدره أضاف أعماراً إلى عمره ، فليست إضافة أعمار إلى العمر بالشيء المهم إلا على اعتبار واحد وهو أن يكون العمر المضاف مقدارا من الحياة لا مقدارا من السنين ، أو مقدارا من مادة الحس والفكر والخيال ، لا مقدارا من أخبار الوقائع وعدد السنين التي وقعت فيها . فإن ساعة من الحس والفكر والخيال تساوي مائة سنة أو مئات من السنين ، ليس فيها إلا أنها شريط تسجيل لطائفة من الأخبار وطائفة من الأرقام .


    كلا لست أهوى القراءة لأكتب ولا أهوى القراءة لأزداد عمرا في تقدير الحساب .
    وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا وحياة واحدة لا تكفيني و لا تحرك كل مافي ضميري من بواعث الحركة ، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة في مدى عمر الإنسان الواحد ، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق ، وإن كانت لا تطيلها بمقادير الحساب .
    فكرتك أنت فكرة واحدة ..
    شعورك أنت شعور واحد ..
    خيالك أنت خيال فرد إذا قصرته عليك ..
    ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخرى ، أو لاقيت بشعورك شعوراً آخر ، أو لاقيت بخيالك خيال غيرك ، فليس قصارى الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين أو أن الشعور يصبح شعورين أو أن الخيال يصبح خيالين ... كلا . وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئات من الأفكار في القوة والعمق والامتداد .

    والمثل الأعلى على ذلك محسوس في عالم الحس والمشاهدة ومحسوس في عالم العطف والشعور .
    ففى عالم المشاهدة يجلس المرء بين مرآتين فلا يرى إنسانا واحدا أو إنسانين اثنين ، ولكنه يرى عشرات متلاحقين في نظره إلى غاية ما يبلغه النظر في كل اتجاه.
    وفى عالم العطف والشعور نبحث عن أقوى عاطفه تحتويها نفس الإنسان ، فإذا هي عاطفة الحب المتبادل بين قلبين .. لماذا ؟ لأنهما لا يحسان بالشيء الواحد كما يحس به سائر الناس ، لا يحسان به شيئا ولا شيئين وإنما يحسان به أضعافا مضاعفة لاتزال تتجاوب وتنمو مع التجاوب إلى غاية ما تتسع له نفوس الأحياء .
    هكذا يصنع التقاء مرآتين وهكذا يصنع التقاء قلبين . فكيف بالتقاء العشرات من المرائي النفسية في نطاق واحد ؟ وكيف بالتقاء العشرات من الضمائر والأفكار ؟
    إن الفكرة الواحدة جدول منفصل ، أما الأفكار المتلاقية فهي المحيط الذي تتجمع فيه الجداول جميعا ، والفرق بينها وبين الفكرة المنفصلة كالفرق بين الأفق الواسع والتيار الجارف ، وبين الشط الضيق والموج المحصور .

    وقد تختلف الموضوعات ظاهراً أو على حسب العناوين المصطلح عليها ولكنك إذا رددتها إلى هذا الأصل كان أبعد الموضوعات كأقرب الموضوعات من وراء العناوين .
    أين غرائز الحشرات مثلا من فلسفه الأديان ؟
    وأين فلسفة الأديان من قصيدة غزل وقصيدة هجاء ؟
    وأين هذه القصيدة أو تلك من تاريخ نهضة أو ثورة ؟
    وأين ترجمة فرد من تاريخ أمة ؟
    ظاهر الأمر أنها موضوعات تفترق فيما بينهما افتراق الشرق من الغرب والشمال من الجنوب ، وحقيقة الأمر أنها كلها مادة حياة ، وكلها جداول تنبثق من ينبوع واحد وتعود إليه .
    غرائز الحشرات بحث في أوائل الحياة .
    وفلسفة الأديان بحث في الحياة الخالدة الأبدية .
    وقصيدة الغزل أو قصيدة الهجاء قبسان من حياة إنسان في حالتي الحب والنقمة ..
    ونهضة الأمم أو ثورتها هما جيشا الحياة في نفوس الملايين .
    وسيرة الفرد العظيم معرض لحياة إنسان ممتاز بين سائر الناس .
    وكلها أمواج تتلاقى في بحر واحد ، وتخرج بنا من الجداول إلى المحيط الكبير ..
    ولم أكن أعرف حين هويت القراءة أنني أبحث عن هذا كله ، أو أن هذه الهواية تصدر من هذه الرغبة . ولكنني هويتها ونظرت في موضوعات ما أقرأ فلم أجد بينها من صلة غير هذه الصلة الجامعة و هي التي تتقارب بها القراءة عن فراشة ، والقراءة عن المعري وشكسبير .
    لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة .
    ولكني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني .. ومهما يأكل الإنسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة ومهما يلبس لن يلبس على غير جسد واحد ومهما يتنقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين . ولكنه بزاد الفكر والشعور والخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد ، ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره وخياله كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل وتتضاعف الصورة بين مرآتين .


    الخميس، 7 سبتمبر 2017

    أندهش كثيرًا عندما أجد الكثير ممن كانوا يقولون إنهم لا يحبون القراءة ، صاروا الآن من المدمنين الذين يقتطعون أوقاتًا من نومهم لمجرد القراءة ! بل وأندهش أكثر من نفسي عندما كان لا يفارقني هذا الشعور تجاه القراءة إطلاقًا -عدم حبي لها- ولا أتحملها بل أملّ منها، وإذ يتبين لي العكس تمامًا بعد حين .
    هل هذا انفصام في الشخصية ؟ في الواقع ليس كذلك ، بل هو ليس إلا تشخيص خاطئ لحالٍ يعيشها الكثير منا، فيقوم الشخص بإلباس عجزه عباءة الحكمة ويخبرك أن المشكلة في شخصيته ، أو أنه ليس من محبي القراءة، أو أنه مجتهد في مجال دراسته أو عمله بحيث لا يجد وقتًا للقراءة .

    هل السبب حقًا هو ضيق الوقت ؟!


    والواقع أن هذه المشكلة أصبحت من أكبر مشاكل هذه الأمة في الوقت الحالي حيث صرنا جيلًا ينفر من القراءة ولا يطيقها ، وبالطبع ليس بسبب ضيق الوقت ، فالكثير منا يقضي الساعات ممسكًا جواله متنقلًا من صفحة إلى أخرى ومن موقع تواصل إجتماعي إلى آخر ، بينما لا يمكنه أن يفتح كتابًا لنصف ساعة ، أو على الأقل لا يتحمل أن يبحث عن مسألة مهمة بالنسبة له في كتاب أو عن حكم شرعي ، بل يهرول إلى شخصٍ آخر ليسأله ، ليختصر هذه المهمة التي لا يطيقها .

    أسباب نفور الشباب من القراءة :

    وعندما تتبعت أسباب هذه المشكلة وجدت أن هذا غالباً يكون تحت تأثير تجربتين فاشلتين مر معظمنا بهما أو بأحدهما.
    • أثر التجربة الدراسية :

    لا شك أنك ستكره القراءة إذا كان أول كتاب تقرأه بمثابة فرض عليك ، أو كان كتاباً خالٍ من متعة ، أو لم تكن تدري ما الهدف منه سوى أنك يجب أن تنهيه ، بل تحفظه ، فما بالك فيمن تجمعت عليه هذه الأشياء في تجربته الأولى للقراءة ؟! والمفاجئة أننا جميعًا بلا استثناء كنا ضحايا هذه التجربة حيث كانت البداية كتاب مدرسي !

    • عدم اختيار الكتاب المناسب :

    والتجربة الثانية والتي غالبًا مر الكثير منا بها وهي تجربة أول كتاب -غير الكتب الدراسية بالطبع- والتي تكون غير موفقة أيضًا لأننا فقط نقوم بالشروع في قراءة كتاب بمجرد رؤيته مع أحد الأشخاص ، أو أثنى عليه شخصٌ ما ، بدون أن ندري ما الهدف من قراءة هذا الكتاب ؟ وما موضوعه ؟ وهل أنا حقًا مهتم بهذا الموضوع أم أنه ليس من اهتماماتي ؟ فنكون كمن قفز في مسبح وهو لا يعرف السباحة ، بل يريد فقط أن يعيش التجربة .
    هاتان التجربتان وما شابههما كفيلتان بأن يصيباك بمرض “الكتابوفوبيا” الذي أصبح منتشرًا ومتفشيًا في وطننا العربي ، فحسب “تقرير التنمية البشرية” للعام 2003 الصادر عن اليونسكو : يقرأ المواطن العربي أقل من كتاب بكثير في السنة ، بينما في المقابل يقرأ المواطن الأوروبي نحو 35 كتابًا في السنة !! 

    حسنًا ، وما المشكلة في ذلك ؟

    المشكلة ستكون بعد اكتشافك أنك تفوِّت الكثير ، فيروي الخطيب البغدادي عن الجاحظ : أنه كان إذا وقع بيده كتاب قرأه من أوله إلى آخره ، حتى أنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر في الكتب ، والخطيب البغدادي نفسه كان لا يمشي إلا وفي يديه كتاب يطالعه ، ولا أحب أن أكثر من ذكر الأمثلة لأن ما أريد توضيحه هو أن مثل هؤلاء الأئمة والعلماء وغيرهم لم يفعلوا ذلك عبثًا ولا فراغًا أو سعة وقت ، وإنما فعلوه بعد اكتشافهم أهمية القراءة والمطالعة . فالقراءة تحفِّز الذهن وتحسن القدرات العقلية وتحد من التوتر ، ولا أشك أنك سمعت هذا سابقًا مرارًا .

    ولكن هل سمعت من قبل عن العلاج بالقراءة ؟

    فهو نمط من العلاج النفسي يطلق عليه اسم « الببليوثرابيا » ، حيث يتم انتخاب مواد قرائية كوسائل علاجية مساعدة ، وكذلك يستخدم في حل المشاكل الشخصية ، فالعقاقير الطبية والمسكنات لم تعد في بعض الحالات ذات جدوى في علاج الأمراض ، ما يستوجب مخاطبة العقل والروح بطريقة تجعل المرء يستعيد توازنه وهدوءه وراحته من جديد وتحفيزه إيجابيًا ، حتى يستطيع أن يكون على قدر من القوة والشجاعة لمواجهة مشاكله .
    ومنها أيضًا تعزيز المعرفة والثقافة التي أصبحنا نفتقدها ، وبالتالي يصبح الإنسان أكثر دراية بما يحدث حوله ، ويعرف عن حضارته وتاريخه ولغته ، فلا يكون فارغًا من الداخل ، فالشيخ  محمود شاكر رحمه الله يقول : “المسلم ينبغي أن يعرف كل شيء عن العالم” .
    ولكن الأهم من ذلك كله في وجهة نظري لأنه حدث لي بالفعل هو أن تنتظر مفاجئتك الخاصة ، فلكل منّا مفاجئة صُنعت خصيصًا له تنتظره في كتاب ما ، لا يدري أهو التالي أم الذي بعده ، فلا أكون مبالغًا إن قلت إن كتابًا يمكنه أن يكون السبب في أن تنقلب حياتك رأسًا على عقب ، بتحويل مسار طريقة فهمك للأمور وما يترتب عليه ، أو تغيير جذري في شخصيتك وبالتالي معاملاتك مع الناس ، أو غير ذلك ، فلا تحرم نفسك من هذا أو ذاك .


    كيف أحب القراءة ؟

    ولكن لكي تحصّل هذا وتبدأ مسيرتك في القراءة تحتاج أولًا أن تعالج المشكلة التي علقت بأذهاننا ، فلا تجعل أي صلة بين ما أنت مقدم على قراءته وبين تجربتك السابقة ، واجعل نيتك صالحة ، فأنت تقرأ لتنتفع وتنفع ، حتى يعينك الله بالوقت ، فيقول ابن القيم : “وإذا أراد الله بالعبد خيرًا أعانه بالوقت ، وجعل وقته مساعدًا له ، وإذا أراد به شرًا جعل وقته عليه “.
    ويجب أن تعوّد نفسك أولًا على القراءة ، فتقرأ الشيء اليسير المحبب إلى قلبك سواء كانت رواية نافعة أو كتاب رقائق خفيف ، حتى تصبح القراءة عندك عاده يسيرة محببة إلى قلبك ، وحُسن توزيع كل عمل بما يناسبه من الأوقات شيء مهم ، فترقب أوقات السكينة والهدوء والصفاء النفسي ، وحاول أن تضيف إلى ذلك الجو النفسي الذي تحبه كالجلوس في مكان به أشجار مع شرب كوب من القهوة مثلًا .
    واحذر حماستك أن تجعلك تبدأ بمطولات الكتب للمتقدمين التي ستأخذ جهدك في فهم لغتها ، بل ابدأ باليسير كما قلنا سابقًا ، ومن أجمل الأشياء أن تجعل في ركن من غرفتك مكتبة صغيرة خاصة بك حتى تُشجعك كلما نظرت إليها على إنجاز الكتاب الذي في يديك والبدء في كتاب جديد على أحد الرفوف .
    وأخيرًا إذا شعرت بالملل والفتور من كتاب بعينه حاول الانتقال من كتاب إلى آخر ثم العودة إليه مجددًا ، وحاول أن تحيط نفسك بوسط القارئين ، فهذا لا شك سيساعدك كثيرا ، وفي رأيي أفضل طريقه لذلك أن تقوم بعمل حساب على موقع “goodreads” فسيساعدك على معرفة تقييمات كل كتاب والتعليقات عليه قبل أن تبدأ فيه .

    ظنٌ خاطئ :

    ومن الشائع ظن البعض أن الاقتصار على شيء واحد كالدراسة الجامعية ، أو العمل ، أو ما شابه ، وتكريس الوقت له هو أسمى وأفضل من التشتيت بين المعارف ، وهذا ظن خاطئ ، فإذا كنت طبييًا مثلا فانظر إلى ابن النفيس الذي كان إمامًا في علم الطب لا يُضاهى في ذلك ، وله معرفة بالمنطق وصنف فيه مختصرًا وصنف أيضًا في أصول الفقه ، والعربية ، والحديث ، وعلم البيان ، وغير ذلك ، وبالرغم من هذه الفنون فلم يكن على وجه الأرض مثله في الطب .
    والخلاصة أن ضم القليل إلى القليل مع الدوام عليه ، يتكون منه الكثير الهائل العجيب ، فابدأ .

    السبت، 2 سبتمبر 2017

    سواء كنت قارئا متمرّسًا ، أو كان بينك وبين الكتب جفاء منذ سنوات عديدة ، فأنت معرّض للملل من القراءة في وقت من الأوقات خلال حياتك ، إما لانشغالك بالدراسة أو العمل ، وإما لوجود الكثير من المغريات في وقتنا الحاضر التي تستهلك الوقت فلا يعود للكتاب أي مكان في حياتنا اليومية .

    إن كانت هذه حالتك فاطمئن ، لستَ وحدكَ في هذا ، وإن كنت ترغب بتغيير علاقتك بالقراءة والكتب فاستمر بقراءة هذا المقال ، واستعن بالنصائح العشر التالية لقراءة أفضل .


    1- اختر الكتب التي تثير اهتمامك :


    لكل منا شغفه واهتماماته الخاصة ، ليست هناك قاعدة بالنسبة لاختيار نوعية الكتب التي تفضلها ، فمجالات القراءة متعددة من الأدب للفنون للتاريخ للكتابات الساخرة أو القراءات الدينية .

    أنت وحدك من تستطيع تحديد المجال الذي تود الاستزادة من القراءة فيه .


    2- ابدأ بالكتب الخفيفة ، وتدرّج :


    في كل مجال من مجالات القراءة يوجد درجات من التخصص ومستويات من الصعوبة ، وهناك كتب متخصصة لا يمكن البدء في قراءتها إلا بعد اكتساب مقدار معين من العلم بأساسياتها .

    إدراكُك لمستوى علمك في تخصصٍ ما سيساعدك على اتخاذ القرار للبدء في كتابٍ من كتب هذا التخصص ، فلا تصعّب الأمور على نفسك واختر الكتب المناسبة لمستواك أولاً , ثم تدرّج في الكتب الأكثر تخصصًا وهكذا .
     

    3- حدد أهدافك :

    من العادات المفيدة أن تضع لنفسك هدفًا لقراءة عدد معين من الكتب خلال الشهر أو السنة القادمة ، فوجود هذا الهدف سيزيد من دافعيتك للانتهاء من الكتاب الذي بين يديك سريعًا . ضع هدفًا قابلاً للتنفيذ, فأنت الأدرى بمقدار وقت فراغك وما يمكنك إنجازه خلال هذا الوقت .


    4- إستعن بأدوات التذكير :


    تتوفر في وقتنا الحالي العديد من الأدوات التي ستجعل الوصول لهدفك أمرًا أكثر سهولة ، ولا ينطبق ذلك على أهداف القراءة فقط بل على أي هدف كان .

    على سبيل المثال, استخدم أوراق الملاحظات اللاصقة (Sticky notes) لتذكيرك بهدفك وألصقها في مكان تحت نظرك بشكل دائم . أيضًا يمكنك استخدام التقويمات السنوية المقسمة حسب الشهور, بحيث تضع علامة على اليوم الذي انتهيت فيه من إنجاز واجب القراءة اليومي مثلاً ، بمرور فترة من الزمن ستتمكن من رؤية إنجازك بنفسك وأن تفخر بهذا الإنجاز .

    5- إستمتع بالقراءة :


    هيئ لنفسك مكانًا مريحًا به إضاءة مناسبة ومقعد مريح ووقت ملائم لجدولك اليومي ، واعتبر أن وقت القراءة هو فسحتك اليومية أو الأسبوعية للاختلاء بنفسك ، وحضّر مشروبك المفضّل وابدأ بتكوين عادتك الخاصة بالقراءة . وهنا يختلف الناس في تفضيلاتهم , فقد يفضل البعض البعد التام عن الضوضاء ويختار مكانًا منعزلاً عن الآخرين ، بينما يفضل البعض الآخر القراءة في الأماكن العامة كالحدائق والمقاهي .

    عمومًا فإن قراءة الكتب العميقة والمتخصصة تستدعي الوعي المنتبه والبعد عن المقاطعات ، إلا أن القراءة من أجل المتعة والتسلية تعطيك الحرية التامة في اختيار الأجواء والوقت الأنسب لك .
     

    6- تحديد مدة القراءة :


    قبل الشروع بقراءة كتاب معين يجب تحديد طول الوقت المناسب لإكمال قراءة الكتاب على حسب سرعتك وعلى حسب صفحات الكتاب . لا تجعل الأمر مفتوحًا بوقت لانهائي ، فوجود عامل الضغط له أثر نفسي في رفع مستوى وسرعة القراءة كنتيجة لتحديد الوقت .

    7- نوّع في قراءاتك :


    كما قلنا فإن عليك بداية الأمر أن تختار الكتب التي تناسب اهتماماتك وتثير فضولك ، إلا أنك بعد وقت ما ستحتاج للتنويع وأن تقرأ في مجالات مختلفة .

    لا تركز كل اهتمامك بنوع واحد من القراءات (كالروايات الأدبية مثلاً) ، فالعالم مليء بالمواضيع المثيرة التي تنتظر منك اكتشافها والقراءة فيها .

    8- المشاركة مع الأصدقاء :


    من أهم المحفزات للقراءة الجيدة هي المشاركة مع الآخرين . اشترك في نادٍ للكتاب في مدينتك ، أو ناقش الكتاب الذي تقرؤه مع أصدقائك حتى وإن لم يكونوا قد قرأوه من قبل ، تحدّث عما تقرأ على صفحتك في وسائل التواصل الاجتماعي وابحث عما قاله الآخرون عن هذا الكتاب .

    المشاركة مع الآخرين ستفتح أمامك مجالاً واسعًا لفهم ما تقرأ ولربما الحصول على اقتراحات لكتب مشابهة لتقرأها لاحقًا .

    9- إشترك في أحد مواقع الكتب الاجتماعية :


    توجد عدة مواقع اجتماعية متخصصة في القراءة ، أنشئت لكي تسهّل على القراء مشاركة أفكارهم مع الآخرين حتى ولو عبر الفضاء الافتراضي ، ومن أهم هذه المواقع Goodreads ، والموقع العربي أبجد ، وتتميز هذه المواقع بالسهولة لدى إنشائك لحساب فيها ، وستجد من خلالها الكثير من العناوين مقسمة بحسب اسم الكاتب ونوع الكتاب ، بالإضافة لآراء وتقييمات الآخرين للكتاب .

    كل هذه المعلومات ستمنحك المزيد من الدافعية لكي تصبح قارئًا أفضل ، كما ستتمكن من اختيار قراءاتك القادمة بشكل أكثر ذكاءً وفاعلية .

    10- إجعل القراءة عادة :


    يقول خبراء التنمية البشرية أن الإنسان يحتاج لأربعين يومًا فقط للتخلص من عادة سيئة أو لاكتساب عادة جديدة . فلم لا تجعل هدفك القادم هو اكتساب عادة القراءة ؟
    قد يحتاج الأمر منك للقليل من الجهد في البداية ، إلا أن الصبر والمثابرة سيثمران سريعًا ، وسيصنعان منك قارئاً جيدًا في وقت قياسي .

    كانت هذه بعض النصائح المهمة و التي من شأنها أن  تجعل كل من يعمل بها قارئاً مخضرماً ، ولما لا .. كاتباً في المستقبل ! .. و هذا ما سنتناوله في موضوع لاحق إن شاء الله .. كيفية الإنتقال من القراءة إلى الكتابة لتطوير و زيادة الرصيد اللغوي .



    الأربعاء، 30 أغسطس 2017

    لا شك في أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت هي المؤثر الرئيسي في تشكيل الرأي العام ونشر الأخبار والأفكار بلا قيد أو مراقبة، كما أنها توفر مساحة للفرد يُعبر فيها عن نفسه ويقدمها بالصورة التي يراها مناسبة، وفرصة مشاركة الآخرين الذين قد يشتركون معك في نفس الاهتمامات أدّت إلى تبادل واسع للخبرات والثقافات وتكوين مجتمعات إلكترونية صغيرة تضم أولئك المهتمين في مجال معين أو هوايةٍ ما .


    من المُنصف القول إن الربيع العربي أدى إلى زيادة الوعي لدى الفرد العربي، الأمر الذي ساهم في ارتفاع مُعدّلات القراءة بشكل ملحوظ، وباتت نوادي القراءة لا تُعد ولا تُحصى، وهو أمر صُنّفت إيجابياته عن سلبياته في عدة دراسات ومقالات .


    بنظرة سريعة إلى الملفّات الشخصية (البروفايل) للأشخاص المُهتمين بالقراءة سنلاحظ عدة أمور؛ أوّلها اشتراك معظمهم بسمت عام يسود طبيعة المنشورات التي يقوم بكتابتها وغالباً ما تكون اقتباسات وأقوال مأثورة تعتمد مصادرها على توجه الشخص أكان يسارياً أو يمينياً أو معتدلاً أو غيرها من الأصناف والضروب التي ينطوي تحتها البشر .

    كما وسنلاحظ حضور صور فناجين القهوة بجانب الكُتب في إحدى المقاهي الشعبية، مُلحقة بعنوان أعلاها غالباً ما يكون عبارة عميقة أو اقتباسا كما أسلفنا سابقاً، أمّا الصور الشخصية فأغلبها يحضر فيها الكُتب أو المكتبات بشكل عام مع تعبير جدي أو سارح يكسو وجه صاحب الملف الشخصي .

    اجتماع هذه الخصائص لدى القُراء -ليس جميعهم- جعل من القراءة حالة تأتي مع مُستلزمات جاهزة تكفل لك حق الدخول إلى مُجتمع القُرّاء الذي قرر فجأة أن فعل القراءة هو فعل خارق للعادة ولا ينطوي تحت الممارسات الاعتيادية التي يقوم بها الفرد دونما أية حاجة لإثبات ذلك أو المحاولة اليائسة للإعلان عنه .

    من المعروف أن نجيب محفوظ قد عاش حياته بأكلمها كموظف يلتزم بمواعيد دوام مُحددة وبرُوتين يومي لم يُغيره إلا لضرورة حسب شهادة عائلته والمُقربين، ولم يكن أحدٌ ليميزه بأنه هو الكاتب المصري العظيم والقارئ الفذ وهو جالس في القهوة مع رفاقه يتجاذبون أطراف الحديث، وكان من المُستحيل التنبؤ بذلك الذي لم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية أنه سيُلقب يوماً ما بـ"مُعجزة الأدب العربي"، وهنا أتحدث عن مصطفى صادق الرافعي ، والحال ينطبق على العقّاد الذي عمل موظفا للسكة الحديد ولاحقاً موظفا بمصنع الحرير أنه سيكون يوماً "عملاق الفكر العربي".

    تلكم الأمثلة وغيرها الكثير تُدلل على أن ذلك الجيل المُتميّز كان يعيش حالة ثقافية صادقة ولم يشعر يوماً أن قراءته تحتاج إلى هالات وإعلانات وسمت مُعين يجب أن يظهر فيه حتى يتم المُصادقة عليه كقارئ أو مثقف، وكم نحتاج في وقتنا الحالي إلى تكثيف الوعي بمقاصد الأدب والفكر، حتى لا ينطبق على ما نقرأ ونكتب قوله تعالى "فأما الزَّبد فيذهب جُفاء" (سورة الرعد، آية 17).

    المصدر : تمارة الزبن .
    ليس عبثاً أن كانت "اقْرَأْ " أولُ كلمةٍ أُنزلتْ على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. لكأنما حَددَّت نقطة الانطلاق، ورَسمتْ خارطة الطريق، وكشفت سِرَّ الخلاص والسمو والتحرر، على المستويين الفردي والجمعي.

    "اقْرَأْ" بكل ما تحمل من مدلولات ومعانٍ وإحالات وآفاق: قِراءةُ الكتب، وقِراءةُ الكون، وقِراءةُ المشاعر والأفكار، قِراءةُ الأحداث، قِراءةُ الرؤى والأحلام، قِراءةُ كلَّ ما يُمكنُ أن يُقرأ. وكلُّ شيءٍ يُقرأ. وإنْ كانتْ الأولويةُ والتركيزُ على قِراءةِ ما خَطَّهُ القلم؛ لقوله تعالى في السورة نفسها "الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ" لما تحملهُ هذه القِراءةُ من أهميةٍ وضَرورةٍ وفَرادةٍ وخُصوصيةٍ لا تتوافر في غيرها.

    أهمية القِراءة لا يَجهلها أحدٌ، ولا يُجادلُ في ضَرورتها إنسانٌ، ولا يَجحدُ فَضلُها عَاقلٌ. وقد سُطِرَت فيها ألوفَ الكُتبِ، ودُبِجّتْ حولها ملايين المقالاتِ والرسائلِ والأبحاثِ. فلم تَعد أهميةُ القِراءةِ مَحلَّ نِقاشٍ أو جِدالٍ أو شَكٍ أو مُعارضةٍ. لا يختلفُ على القِراءةِ أحدٌ، ولكنْ قد يحدثُ الاختلافُ عليها كأولويةٍ وقوةِ تأثيرٍ ونوعيةٍ .


    ماذا تعني القِراءة ؟

    • القِراءةُ حياةٌ، حياةٌ تتجدد مع كلِّ كتابٍ، وكل كتاب حياة تُضاف إلى الحياة، فالقارئُ يعيشُ حَيوات لا حياةً واحدةً فقط.
    • القِراءةُ حُريةٌ وانعتاقٌ من سَطوة أفكار الآخرين وآرائهم، تمنحُ الاستقلالية وتُنهي الوصاية والعبودية.
    • القِراءةُ نورٌ وتبديدٌ للأوهام والخرافات والظلمات. تُنير الطريق، وتُحدد المعالم، وتُبَصِّر بالعوائق قبل الاصطام بها.

    • القِراءةُ سِياحةٌ في أرجاءِ الكون الواسع، تتجاوزُ بوساطتها قيود المكان والزمان، فكلَّ مكانٍ مُتاحٌ للزيارة ينتظرُ قرارك، وكل زمان برسم الاسترجاع، دون سحر أو طلاسم، إلا سحر الكلمات.
    • القِراءةُ سِباحةٌ في بحار العلم والمعرفة على مراكب السطور. سِباحةٌ مأمونة العواقب، مضمونة النتائج.
    • القِراءةُ صَيدٌ لكلِّ ثمينٍ ونفيسٍ مِنَ الكُتب والمؤلفاتِ، والصيادُ الماهرُ يعرفُ الطرائد في مظانها.
    • القِراءةُ تَواصلٌ مع العلماء والمفكرين والأدباء والفلاسفة والمُصلحين وكلِّ مَنْ كَتَبَ بالقلم، منذ أول حَرفٍ خُطَّ.

    • القِراءةُ اتصالٌ مع الآخرين من خلال القراءات المشتركة التي تجمع بين الجميع على الرغم من اختلاف اللغة والعرق والبلد والدين.
    • القِراءةُ مُضادٌ حيويٌ للتطرف والتعصب والإقصاء، فكلما ازداد المرء قِراءةً ازداد تسامحاً وانفتاحاً ومرونة، ومعرفةً بالآخر وتقبلاً له، وبالتالي تفهماً له وتعاوناً معه والتقاءً به.
    • القِراءةُ حِوارٌ مع الأفكار والآراء والتصورات والأخيلة، والتقاءٌ مع أصحابها على صفحات الكتب.
    • القِراءةُ وطنٌ لمن لا وطن له، وطنٌ رحبٌ شاسعُ الأرجاءِ، لا ضرر فيه ولا ضرار.

    • القِراءةُ ثَراءٌ بالمعرفةِ والفكرِ واللُّغة والخُلق والأدب والذوقِ والمشاعر والجَمال.
    • القِراءةُ مُستقبلٌ، فما ترسمهُ الكَلِماتُ التي نقرأها، قد نعيشه واقعاً في الغد.
    • القِراءةُ مشروعُ كِتابة، فما قَرأناهُ وَنَقرأهُ، قد نكتبه في المستقبل، فالكتابة هي نتيجة للقِراءةِ الواعية بالضرورة.
    • القِراءةُ وَعيٌ ، وَعيٌ بذاتك، ووَعيٌ بما حَولكَ، ووَعيٌ بالعلاقات بين الأشياء والأحداث.
    • القِراءةُ نَبوءةٌ؛ القِراءةُ الواعية تمنحكُ القدرةَ على التحليل والربط والاستنتاج، وبالتالي حدسُ وتوقعُ وإدراكُ ما قد يحدث.
    • القِراءةُ مُتعةٌ خَالصةٌ دون شوائب أو مُكدرات، مُتعةُ التهام الصفحات، والتقاطُ الدُرر والحِكم، ولَذةٌ في تذوقِ جَمال العبارات والصور الفنية، وانبهارٌ بمنطقية الأفكار وعبقرية الآراء والتصورات.

    • القِراءةُ سَعادةٌ، سَعادةٌ وأنتَ تَغرقُ في بِحارِ الكُتب وتَغوصَ وتَغوص، ولكنك على يَقينٍ أنك لن تَهلك، وأنه غَرقٌ في النعيم، وغَوصٌ يرفعك للأعالي.
    • القِراءةُ عِشقٌ، عِشقٌ للكُتب، عِشقٌ لا يتركك تعيشُ إلا والكتاب قرينك، في الحِلِّ والترحال، معك وأنتَ تأكل، وأنت تمشي، وأنت تشرب، وشريكك في الفِراش. الكتاب الجميل يُذهلك عن نفسك.
    • القِراءةُ قُوةٌ ومَنعةٌ وسَطوةٌ، قُوةٌ في عقلك وقُوةٌ في أحْكامك، ومَنعةٌ من كل خَطلٍ أو زَللٍ، وسَطوةٌ على الآخرين وفراغِ عقولهم.

    • القِراءةُ ثَورةٌ على الجهل وقُوى التخلف والظلام، ثورةٌ على الساكن الراكد، ثورةٌ على المألوف المُعتاد.
    • القِراءةُ جَنَّةٌ تدخلها بإرادتك، ولك مُطلقُ الحرية في اختيار أهلها،وأنت الملك المتوج عليها.
    • القِراءةُ تِرياقٌ، تِرياقٌ ضِدَّ الوَحدة، ضِدَّ السَأمِ، ضِدَّ الملل، ضِدَّ القَلق، ضِدَّ الجَهل، ضِدَّ رِفاق السُّوء.

    • القِراءةُ عِلاجٌ وشِفاءٌ، عِلاجٌ من الحيرة والقلق، عِلاجٌ من التَردد والبِلبالِ، علِاجٌ من الفَراغ، عِلاجٌ من اللامبالاة، عِلاجٌ من التَهميش.
    • القِراءةُ أنسَنةٌ، تُروض وحشيتك، وتُقلم مخالب غضبك وتسرعك، وتُرقق طباعك، وتُوسع صدرك، وتُطلي لسانك.
    • القِراءةُ ارتقاءٌ، فكلما قرأتَ ارتقيتَ، ومَنزلتُك تُحددها أنتَ بمقدار ما تقرأ.

    • القِراءةُ ثِقةٌ، ثِقةٌ بمعلوماتك، ثِقةٌ بأفكارك، ثِقةٌ بكنوزك، ثِقةٌ بِقدرتك على الحوار، ثِقةٌ بإمكاناتك وقدراتك.
    • القِراءةُ ضَرورةٌ كالهواء والماء والطعام، ورُبَّ قارئ ضَحَّى بوجبة لذيذة من أجل كتابٍ، مكتفياً برغيفٍ يابس.
    • القِراءةُ فِطرةٌ، فالإنسانُ مَجْبولٌ على حُبِّ التَّعلم والمعرفة، والقِراءةُ هي أقصرُ الطرُق وأفضلها وأكثرها ضماناً لذلك.

    اقرأ ... فإنَّ قارئَ اليومِ ... كاتبُ الغد.
    اقرأ ... اقرأ لتعيش... اقرأ لترتقِ.. اقرأ لتسمو... اقرأ لتنتصر ... اقرأ لأنَّ في القِراءةِ لَّذةً ومُتعةً، عزةً وشموخاً، لو عَلِمَها أصحابُ الجاه والسُلطان، لما تركوها لنا.... اقرأ واحمد الله..."وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ".
    المصدر : موسى أبو رياش .

    فديوهات

    جميع الحقوق محفوظة لـ موقع أمة إقرأ تقرأ
    تصميم : عالم المدون